يعد الغلاف الجوي من أهم أسباب وجود الحياة على وجه الأرض، ولكن ما هو الغلاف الجوي بشكله العام، وما هو الغلاف الجوي الأرضي، وأين تكمن أهميته الكبيرة في استمرار وجود الكائنات الحية على سطح الأرض؟
الأرض هي الكوكب الوحيد في المجموعة الشمسية الذي يحتوي على غلاف جويّ قادر على تأمين أساسيات الحياة، ففضلاً عن وجود الهواء الذي نتنفسه، يقوم بحمايتنا من الاشعاعات الكونيّة التي تحمل حرارة عالية وطاقة كبيرة من الشمس قادرة على انهاء الحياة على كوكب الأرض.
لكن قبل أن نتعرف على الغلاف الجوي الذي يحيط بكوكبنا الأزرق، علينا أن نتعرف على الغلاف الجوي بشكله العام.
الغلاف الجوّي
الغلاف الجوي بشكل عام هو طبقة من الغازات تتجمع حول جسم ذو كتلة كبيرة، مثل الكواكب، نتيجة لقوة الجاذبية الكبيرة الخاصة به، وكلما كانت الجاذبية أقوى كلما استطاع الجسم الاحتفاظ بغلافه الجويّ لمدة أطول.
وتأتي التسمية الإنكليزية (Atmosphere) من اليونانية القديمة حيث أن كلمة (Atmos) تترجم للغة العربية إلى “بخار”، أما النصف الثاني من الكلمة تأتي أيضاً من الكلمة اليونانية (spharia) والتي تعني “مجال”. وهو يمثل تصور الغلاف الجوي عند الحضارات السابقة، على أنه مجال من الأبخرة التي تحيط بالكوكب أو الجسم الكبير.
الغلاف الجوي الأرضي ومكوناته
الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضي يمتد بثخانة (ارتفاع) 480 كيلومتر من الهواء (مزيج من الغازات)، ولكن معظم هذه الغازات تتركز بشكل كبير في الـ 16 كيلومتر الأولى بدءاً من سطح البحر، ولتقل كثافة الهواء كلما ارتفعنا نحو الأعلى وبالتالي ينخفض الضغط الجوي أيضاً.
يتكون الهواء المحيط بالكرة الأرضية من مزيج كبير من الغازات، وأهمها:
- النيتروجين: بنسبة 78%
- الأوكسيجين: يتواجد بنسبة 21%
- الأرغون: يتواجد بنسبة 0.93%
- ثاني أوكسيد الكربون: يتواجد بنسبة ضئيلة 0.038%
بالطبع يتواجد أنواع أكثير بكثير من الغازات الأخرى إضافةً إلى بخار الماء، ولكن بنسب ضئيلة للغاية
طبقات الغلاف الجوّي الأرضي
قام العلماء بتقسيم الغلاف الجوي الأرضي إلى 5 طبقات أساسية وكلما انتقلنا إلى طبقة أعلى تقل كثافة الغازات لتتلاشى نهائياً وتتماهى مع الفضاء الخارجيّ، فلا وجود لحدّ فاصل لنهاية الغلاف الجوي، ولكن العلماء قاموا بوضع خط تخيلي على ارتفاع 110 كيلومتر من سطح البحر، ويسمى بخط “كارمان” يعتبر العلماء عند تجاوزه أننا أصبحنا في الفضاء الخارجي.
توزع طبقات الغلاف الجويّ بدءاً من سطح البجر على الكرة الأرضية وصعوداً على الشكل التالي:
- التروبوسفير: وهي الطبقة الأقرب إلى سطح الأرض وتراوح سماكتها بين 7 إلى 20 كيلومتر، وهي كثيفة للغاية –مقارنة مع الطبقات الأخرى- حيث تحتوي تقريباً على نصف كمية غازات الغلاف الجوي بأكمله. ويكون الهواء دافئاً قرب السطح ويبرد كلما ارتفعنا إلى نهاية هذه الطبقة. كما أن التروبوسفير تحتوي على بخار الماء والغبار المتطاير في الهواء.
- الستراتوسفير: وهي الطبقة الثانية في الغلاف الجوي، وتبداً حين ينتهي التروبوسفير لتمتد إلى مسافة 50 كيلومتر تقريباً بدءاً من سطح الأرض. وهي الطبقة التي تعطي السماء لونها لأزرق بفضل غاز الأوزون المتواجد بوفرة هنا، كما يقوم الأوزون بتسخين الغلاف الجوي من خلال امتصاصه للحرارة والاشعاعات الخطرة القادمة من الشمس.
الهواء في هذه الطبقة جاف للغاية، كثافته أقل ب 1000 مرة عما هي عليه عند سطح البحر، وبسبب ذلك تقوم الطائرات بالتحليق في هذه الطبقة من الغلاف الجوي، أضافةً إلى بوالين (مناطيد) الأرصاد الجوية.
- الميزوسفير: تبدأ هذه الطبقة من ارتفاع 50 كيلومتر، وتنتهي عند 85 كيلومتر بدءاً من سطح البحر، ويواجه العلماء مشكلة في دراسة هذه الطبقة، ، فالطائرات والمناطيد لا تستطيع الوصول إلى هذا الارتفاع، والأقمار الصناعية والمكوكات الفضائية تدور حول الكوكب على ارتفاع أعلى، ولكن نعلم أن الكتل التي تأتي من الفضاء تحترق في هذه الطبقة لنراها على شكل شهب.
والجزء الأعلى من الميزوسفير يسمى “مبيزوبوز” (mesopause) وهو الجزء الأبرد في الغلاف الجوي بأكمله بمعدل درجة حرارة 90 درجة مئوية تحت الصفر.
- الثيرموسفير: تمتد هذه الطبقة من ارتفاع حوالي 90 كيلومتر، وتنتهي بمجال يتراوح بين 500 كيلومتر إلى 1000 كيلومتر وبذلك بحسب كمية الحرارة الواصلة من الشمس، ويمكن أن تصل درجة الحرارة في هذا الغلاف إلى 1500 درجة مئوية.
تعتبر طبقة الثيرموسفير من طبقات الغلاف الجويّ، ولكن بسبب كثافة الهواء المنخفضة جداً، معظم الطبقة تُعتبر أنها من الفضاء الخارجي، وهي الطبقة التي تدور فيها المركبات الفضائية حول الأرض مثل الأقمار الصناعية أو محطة الفضاء الدولية.
- الإكسوسفير: هي الطبقة الأعلى في الغلاف الجوي، والكثافة فيها منخفضة بشكل هائل، حيث يندمج الغلاف الجوي مع الفضاء الخارجي، وتتكون هذه الطبقة من ذرات متفرقة من الهيدروجين والهليوم بشكل أساسي
أهمية الغلاف الجوّي
للغلاف الجوي فضل كبير في وجود الكائنات الحية على سطح الأرض ويمكن أن نذكر بعضاً من أهم الخدمات التي يقدمها الغلاف الجوي لنا:
- لغازات الغلاف الجوي اهمية كبيرة في استمرار الحياة مثل الأكسجين، ثاني أوكسيد الكربون والنيتروجين
- تحدث في الغلاف الجوي كافة ظواهر الطقس والمناخ كحركة الرياح وتكوين السحب إضافةً لسقوط الأمطار
- يحرق الغلاف الجوي الملايين من الكتل الصخرية الصغيرة في صورة شهب قبل وصولها لسطح الأرض
- يقوم الغلاف الجوي بإبطاء سرعة النيازك الكبيرة التي تتجه نحو الأرض يحرق جزء كبير منها قبل ان تصدم سطح الأرض
- يساهم في الحفاظ على درجة حرارة الأرض
- تحمي طبقة الأوزون الموجودة بالغلاف الجوي الكائنات الحية من اخطار الأشعة الفوق البنفسجية المصاحبة للأشعة الشمسية
تبدو أهمية الغلاف الجويّ في استمرار الحياة على سطح الأرض جليلة، لذلك علينا أن سناهم في حمايته عبر التقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة مثل ثنائي أوكسيد الكربون، حفاظاً على كوكبنا الأزرق.