تعرّف على الجاذبية وعملها وأهم تطبيقاتها

الجاذبية الأرضية، تلك القوة التي تدفعنا نحو مركز الأرض، ما هي حقيقةً، وكيف تؤثر على حياتنا، وماذا سيحصل إن اختفت فجأةً

كلنا نعرف الجاذبية، فهي القوة التي تدفعنا نحو الكرة الأرضية، وهي القوة التي تبقي القمر يدور حول الأرض التي بدورها تدور حول الشمس، ولكن ما هي الجاذبية، وكيف تعمل؟

في هذا المقال سنجيب عن هذه الأسئلة ونتعرف على بعض فوائد الجاذبية للحياة على الكرة الأرضية.

ما هي الجاذبية

الجاذبية هي قوة طبيعية تقوم بسحب أو جذب الأجسام تجاه بعضها البعض، وهذه الأجسام قد تتراوح ما بين الجسيمات الأولية كالإلكترونات والفوتونات، إلى الكواكب والنجوم العملاقة.

وبما أننا نعلم أن الكتلة والطاقة وجهان لعملة واحدة، فإن قوى الجذب أيضاً تؤثر على الطاقة، وبتعبير أدق تؤثر على الجسيمات الحاملة للطاقة مثل الفوتونات.

النظريات الأساسية في الجاذبية

تعتبر الجاذبية من الألغاز التي حيّرت العلماء عبر الزمن، وكان هناك عدة أفكار حول هذه الظاهرة، ونذكر منها ما هو قائم في يومنا هذا:

النظرية الكلاسيكية

ظهرت هذه النظرية عام 1687 ميلادي، على يد الفيزيائي والرياضياتيّ الشهير السير إسحاق نيوتن، حيث وضّح نيوتن في كتابه “المبادئ” آلية عمل الجاذبية ووضع قوانين الحركة الثلاث الشهيرة.

وفقاً لنيوتن فإن الجاذبية تتعلق فقط بكتلة الجسمين المتجاذبين والمسافة الفاصلة بينهما، حيث يقوم كل من الجسمين بجذب بعضهما البعض معطياً قوة الجاذبية، أي وعلى سبيل المثال، نقوم بجذب الأرض نحونا في الوقت ذاتها التي تجذبنا الأرض نحوها، ولكن بسبب صغر كتلتنا فإن تأثيرنا على الأرض مهمل مقارنة بتأثير الأرض علينا.

يمكن اختصار فكرة نيوتن للجاذبية بقانون الجذب العام الذي وضع في كتابه المبادئ على الشكل التالي:

حيث أن:

  • G: ثابت الجاذبية العام
  • F: قوى التجاذب بين الكتلتين m1 و m2
  • m1: الكتلة الأولى
  • m2: الكتلة الثانية
  • r2:مربع المسافة الفاصلة بين الكتلتين

أي ان قوى التجاذب تزداد مع ازدياد الكتلة، وتتناقص كلما ازدادت المسافة الفاصلة بينهما.

نظرية النسبية العامة

بعد اكتشاف الألماني آلبرت اينشتاين أن للضوء سرعة ثابتة في الكون في نظريته النسبية الخاصة، بدأت تظهر الأخطاء والمشاكل في نظرة نيوتن للجاذبية، وكان الحل من خلال نظرية النسبية العامة، والتي غيرت مفهومنا للجاذبية، حيث أن الجاذبية وفق النسبية العامة ما هي إلا انحناء في نسيج الزمكان والسبب في هذا الانحناء هو الكتلة، فكلما كبرت الكتلة كلما كان الانحناء أكبر، وكلما كانت قوى الجذب نحو مركز الكتلة أكبر.

الجدير بالذكر أن النظرية الكلاسيكية لاتزال صالحة بشكل كبير للعمل عليها على الكرة الأرضية، حيث أن النسبية العامة تستخدم في حالة الحركات بسرعات كبيرة، أما على الكرة الأرضية فقوانين نيوتن كافية بشكل كبير للعمل عليها دون أي مشاكل أو أخطاء.

الجاذبية الأرضية

الجاذبية الأرضية هي القوة التي تجذب فيها الأرض الأجسام نحوها، فالأرض ذات كتلة كبيرة جداً كافية لحني نسيج الزمكان وبالتالي خلق قوى الجذب نحوها.

وتقاس شدة الجاذبية سواءً الأرضية أو سِواها بتسارع (تغير السرعة) سقوط الأجسام القريبة من السطح، وفي حالة الكرة الأرضية يسمى هذا التسارع تسارع الجاذبية الأرضي حيث يختلف بشكل ضئيل بين مكان وآخر، إلا أنه يمكن أخذ قيمة وسطية تساوي إلى 9.8 متر/ثانية مربع.

وبشكل أبسط، إن قمنا برمي جسم ما من مكان مرتفع عن سطح الأرض، فإن سرعته ستزداد بمقدار (9.8 متر في الثانية) كل ثانية يقضيها الجسم في السقوط.

الثقل (الوزن) والجاذبية

يمكن تعريف الثقل على أنه مقدار القوة التي تؤثر بها الجاذبية على الكتل القريبة منها، وهنا يجب التنويه على أن الثقل يختلف عن الكتلة، حيث أن الخطأ الشائع يكون في وحدات القياس، فمثلاً عندما نقوم بقياس وزن شخص ما، وليكن فرضاً 80 كيلوغرام، في هذا الحالة نحن قمنا بقياس قوة الثقل، وكما نعلم فإن القوة تقاس بالنيوتن (كيلوغرام × متر مربع / ثانية) أما عندما نقول 80 كيلو غرام، فهذا يدل على أننا قسنا مقدار الكتلة، والتي تعتبر ثابتة مهما كان، على عكس الثقل الذي يختلف من كوكب لأخر نتيجة اختلاف الجاذبية.

الجاذبية في حياتنا

لا شك أن للجاذبية فضل كبير لوجودنا على هذا الكوكب، أو حتى وجود الكوكب بحد ذاته، كما أن للجاذبية الكثير من الفضل في تسهيل حياتنا في بعض الجوانب. ونذكر بعضاً من تأثيرات الجاذبية علينا:

  • تشكل الكوكب: الأرض هي كتلة كبيرة جداً من المواد اجتمعت مع بعضها البعض، ونتيجة لثقلها بدأت تجمع المزيد من الكتل الأصغر والتي التحمت في النهاية لتشكل الكوكب الذي نعرفه اليوم.
  • الغلاف الجوي: كما نعلم فإن الغلاف الجوي يحتوي الكثير من العناصر والمركبات الأساسية لبقاء الكائنات الحية، مثل الأوكسجين، كما أن الغلاف الجوي يقي الأرض من العديد من الأشعة الكونية الضارة لنا ككائنات حية، فلولا الأرض وجاذبيتها المناسبة لما وجد الغلاف الجوي بالشكل الذي هو عليه الآن، ولم تكن الحياة لتبدأ على الكوكب الأزرق.
  • الأقمار الصناعية: بعد دراسة العلماء للجاذبية، كان الاكتشاف بأنه يمكن إرسال جسم من الأرض وجعله يعلق ضمن مجال الجاذبية الأرضية دون أن يسقط إلى الأرض أو أن يبتعد عنها، وباستخدام هذه الأفكار استطاع العلماء والمهندسون صناعة الأقمار الصناعية، التي تقوم ببث القنوات التلفزيونية، وغيرها مختص بالطقس، او حتى تلسكوبات معلقة حول الكرة الأرضية.
  • تسريع المسابير الفضائية: تقوم وكالات الفضاء بشكل عام بإرسال مسابير نحو الكواكب الأخرى بغرض دراستها، والكثير يظن أن مسار الرحلة يكون بسيط أو مستقيم، إلا أنه يتم ارسال المسبار نحو كواكب قريبة لتدور حولها مكتسبةً سرعة بسبب جاذبية هذه الكواكب، ومن ثم تتابع رحلتها لتصل للكوكب التالي، وهكذا حتى يصل المسبار نحو الوجهة المحددة له.
المسار الأخضر هو الأسرع رغم طوله

ماذا لو اختفت الجاذبية

للحظة الأولى قد يبدو هذا السيناريو ممتعاً، فسنطير في الهواء مع كل جسم غير مثبت بالأرض، إلا ان اختفاء الجاذبية سيكون دماراً للحياة على الكرة الأرضية، فالطفوان المستمر في الهواء سيضعف عضلاتنا بشكل كبير، كما أن الجاذبية التي تساعد على ضبط أعضاء الجسم داخل الجسم، ستختفي، وبالتالي سيصعب على جسم الانسان الحفاظ على آلية عمله بشكل جيد.

كما أن الغلاف الجوي الذي يحمينا من مخاطر الفضاء سيزول، فلا قوة تثبت هذه الغازات حول الأرض، إضافة للقمر وغيرها من الكواكب والنجوم التي ستبدأ بالتصادم مع بعضها بسبب حركتها العشوائية، تخيلوا مقدار المتعة التي سنحصل عليها!

ختاماً.. الجاذبية من العوامل الأساسية لنشأة الحياة على سطح الأرض، ولها تأثير كبير على حياتنا والشكل الذي تسير به.