لعب توم هانكس دور البطولة في فيلم آخر لا يقدم فقط ترفيهًا جيدًا، ولكن أيضًا برنامجًا تعليميًا رائعًا حول ممارسات القيادة السليمة.
اسم الفيلم هو “سولي”. دارت أحداث الفيلم عندما خرّب سرب من الإوز المحركات على رحلة للخطوط الجوية الأمريكية التي أقلعت من مطار لاغوارديا في نيويورك.
لم يكن لدى الطيار “سولي سولينبرغر” الوقت الكافي لاتباع كافة إجراءات الأمان عند وقوع الحادث.
واستنادًا إلى تجربته كطيار شراعي، استطاع الهبوط بطائرته التي يبلغ وزنها 67 طنًا في وسط نهر هدسون بشكل آمن. ونجا جميع الركاب وطاقم الطائرة الـ 155 من محنة مروعة.
من خلال قائمة مرجعية موحدة للإجراءات اللازم اتباعها في الرحلات الجوية، يمكن لمعظم الطواقم الوصول للوجهة المحددة دون أي مشاكل تذكر.
لكن ما العمل عند وقوع طارئ ما؟ ماذا عن حدث غير متوقع، بعيدًا كل البعد عن مخيلة كتّاب الإجراء؟ ماذا بعد؟
يمكن أن يتحول الوضع بسرعة إلى شيء يشبه ما حصل في فيلم Fight Club، فبعدما قام تايلر ديردن بإنشاء ناديه الخاص، ووضع قوانين صارمة، مع درجة كبيرة من الاستقلالية، أصبح الوضع خارجًا عن سيطرته؛ لم يكن قادرًا على استدراك ما يحصل، وإيقافه قبل فوات الأوان.
كان هذا مثالًا كلاسيكيًا للعواقب غير المقصودة، فالنادي الذي أنشأه البطل؛ كان له هدفًا وحيدًا .. الشعور على قيد الحياة.
لذا، يكون السؤال، ماذا عن حالات العمل الجماعي حيث تنطوي الأخطاء على احتمال حدوث عواقب كارثية؟
على سبيل المثال، ألا نريد أن يلتزم الفريق في غرفة التحكم بمحطة الطاقة النووية بشكل غير مرن بالتعليمات الموحدة؟
ألا نريد أن يلتزم الطيارون المسؤولون عن رحلتنا الجوية بصرامة بدفتر الإجراءات؟
بالواقع، نعم ولا.
يجب التذكر أنه لا توجد مجموعة من الإجراءات يمكنها توقّع كل حالة طوارئ محتملة.
أدى حدوث خلل في خزان الأكسجين بمهمة أبولو 13 إلى إيقاف المهمة. فوجد ثلاثة رواد فضاء أنفسهم على بعد حوالي 320 ألف كيلومترًا من الأرض، بكمية متناقصة من الأكسجين وقدرة ضئيلة على التحكم في مركبتهم الفضائية؛ براعة الطاقم، ومراقبي الطيران، وموظفي الدعم مكّنوا رواد الفضاء من العودة إلى ديارهم بأمان.
كانت معظم هذه البراعة “خارج الدفاتر” ، وليست جزءًا من أي إجراء موحد.
وهنا لا يجب إساءة الفهم. فلا أحد يريد تشجيع الأشخاص الذين يشغلون محطات الطاقة النووية والطائرات على “العمل لحسابهم الخاص” إذا سئموا من الإجراءات الروتينية.
القصد أنه بالإضافة إلى الامتثال للقواعد (التي -وبعد كل شيء- يكتبها بشر مثلنا)، من الضروري أحيانًا الاستجابة لحدث طارئ بشكل مباشر وسريع وبذكاء وفطنة.
فيمكن أن يؤدي الالتزام الصارم للغاية ببروتوكول محدود إلى إضاعة الوقت وتقليص فرص النجاة. أو في أشد الحالات، الموت.
عندما يتم تحديد الغايات والأهداف بوسائل غير معرّفة بشكل صارم ، يتم تشجيع أعضاء الفريق بشكل تلقائي على استخدام تدريبهم وتعليمهم السابق وما يحتويه من خبرات وتجارب سابقة ، وقدرة على التعامل مع الحالات غير المتوقعة وتنفيذها بكفاءة أعلى ، مقارنة باتباع البروتوكولات المكتوبة مسبقًا .
مثل أفراد الدعم في مهمة Apollo 13 – الذين تم تخليد ذكراهم في فيلم يحمل اسم المهمة – يمكن لأعضاء الفريق الذين يعملون لهدف واضح ولكن مع مجموعة من الإجراءات غير المحددة أو المقيدة أن يساهموا في الوصول إلى معالجة فعلية واقعية تتناسب مع الموقف لإنشاء حل عملي يمكن تنفيذه وبأقل خسائر ممكنة.
لحسن الحظ ، فإن العمل الجماعي الذي يُدعى معظمنا للمشاركة فيه ليس عملًا طارئًا ومليئًا بالمخاطر والأدرينالين كما حصل في أفلام “أبولو 13” و “سولي”.
تتضمن معظم أعمال الفرق (المجموعات) لدينا أنشطة عادية نسبيًا مثل عمليات الإندماج والإستحواذ للشركات ، أو تعزيز أداء الأفراد ضمن أعمال الفريق الواحد ، أو تشجيع الناس على تغيير سلوكهم.
ولكن المبدأ هو نفسه. تؤدي معظم الفرق أداءً أفضل عندما يتم تحديد غرض مقنع (الهدف) واحتضانه بينما تُترك طرق (وسائل) معالجة الهدف مفتوحة نسبيًا.
بالطبع فإن مجرد تحديد هدف وغاية مقنعة ثم ترك أعضاء الفريق وحدهم ليس قيادة جيدة. هناك الكثير مما يمكن للقادة القيام به ويجب عليهم فعله لدعم فرق العمل على طول الطريق.