التفريغ الكهربائي.. الكهرباء الساكنة والبرق وسحر كرة البلازما

من الصعب القول تحديداً متى تم اكتشاف الكهرباء، ولكن الكهرباء لطالما بقيت واحدة من الأمور التي أذهلت الإنسان، حتى بدأت دراستها بشكل جديّ في مطلع القرن السابع عشر، ولتكون الكهرباء الساكنة المدخل لهذا العلم الواسع؛ فمن خلالها استطعنا تفسير واحدة من أهم الظواهر التي حيّرت الانسان: الصواعق الرعديّة.

في هذا المقال سنتعرف على الكهرباء الساكنة وآلية التفريغ الكهربائي وبعض الظواهر المرتبطة بهما.

ما هي الكهرباء الساكنة؟

الكهرباء الساكنة عبارة عن شحنة كهربائية ساكنة متكونة على أسطح الأجسام، حيث تكسب الأسطح هذه الشحنة من خلال ملامستها للأجسام الأخرى أو الاحتكاك بها.

الاختلاف الأساسي بين الكهرباء الساكنة والكهرباء المتحركة هو أنه في الكهرباء المتحركة تكون الشحنات في حالة حركة منتظمة ومستمرة مولّدةً بذلك تياراً كهربائياً، أما في حالة الكهرباء الساكنة فإن الشحنات تكون متجمعة في جزءٍ من الجسم المشحون بانتظار وسيلة كي تتحرر من الناقل.

ما هو التفريغ الكهربائي؟

التفريغ الكهربائي هو ظاهرة فيزيائية تمثل انتقال الشحنات الكهربائية بشكل مفاجئ ولحظيّ بين جسمين لهما فارق في الجهد (توتر) الكهربائي، قد يكون الانتقال عند تلامس الجسمين، أو في حالة التوترات العالية قد يحدث دون أي تلامس كما في ظاهرة البرق التي سنتحدث عنها.

كيف يحدث التفريغ الكهربائي؟

حدوث التفريغ الكهربائي يتطلب عملية شحن بالكهرباء الساكنة التي يمكن الحصول عليها بدلك جسمين من مادتين مختلفتين، عملية الدلك هذه ستجعل أحد الجسمين مشحوناً بشحنة سالبة فيما الآخر سيكون مشحوناً بشحنة موجبة.

الآن الجسم المشحون بشحنة موجبة يمتلك شحنة كهربائية ساكنة، وعندما يلامس هذا الجسم جسماً آخر من مادّة معينة (لا يمكن أن يحصل التفريغ على كل المواد)، ستنتقل الشحنات الموجبة إلى ذلك الجسم مشكلةً بذلك عملية التفريغ الكهربائي.

عند التفريغ تتحرر طاقة حرارية كبيرة، ولكننا كبشر (في هذه التجارب الصغيرة) لن نشعر بهذه الحرارة، لكن عندما يتم تفريغ هذه الشحنة في قطعة إلكترونية صغيرة، قد تسبب الحرارة المتولدة ذوبان بعض مكونات هذه القطعة وتعطيلها.

ظاهرة البرق.. التفريغ الكهربائي دون التلامس

نوع آخر من التفريغ الكهربائي يحصل عن طريق التأثير (دون تلامس)، تتم هذه العملية من خلال وضع جسم مشحون كهربائيّاً (الكرة 1) بجانب جسم معتدل كهربائياً (الكرة 2)، يتولد حول الكرة المشحونة حقل كهربائي ساكن يؤثر على الكرة الثانية التي تكون شحناتها متوزعة بشكل متساوٍ على مساحة السطح، وبعد تأثير الحقل الكهربائي يعاد ترتيب الشحنات من جديد بحيث تتوزع الشحنات المخالفة لشحنة الكرة 1 على سطح الكرة 2 المقابل للكرة 1، وفي هذه الحالة يمكن أن يحدث تفريغ كهربائي من الكرة 2.

تحدث الصواعق الكهربائية عندما تزيد قيمة شدة الحقل الكهربائي عن (3-40 كيلو فولط في السنتيمتر) مجبراً بذلك الذرات في الهواء على التأين (التشرد) – أي أن ذرات الهواء تصبح ناقلاً كهربائياً بدلاً من أن تكون عازلة، سامحةً بذلك للشحنات الكهربائية بالانتقال من الجسمين المشحونين، ولعل أفضل الأمثلة عن ذلك هو ظاهرة البرق.

عندما تكون السماء مملوءة بالغيوم والسحب تصطدم ذرات بخار الماء ببعضها بشكل كثيف، مما يسبب انتقال بعض الإلكترونات من ذرة إلى أخرى، هذا الانتقال للإلكترونات (الشحنات السالبة) يعطي الغيوم شحنةً كهربائيةً سالبة مسببة حقلاً كهربائياً كبيراً يقوم بتجميع الشحنات الموجبة على سطح الأرض، وعند زيادة قوة هذا الحقل يصبح قادراً على تأيين الهواء (جعله ناقلاً)، فتنتقل كمية كبيرة جداً من الطاقة الكهربائية من السحب إلى الأرض على شكل صاعقة كهربائيّة تسمى البرق.

تجارب كرات البلازما

لابد من القول أن كرات البلازما هي إحدى أكثر التجارب إثارة للعين، ولكن قبل أن نتعرف على كرات البلازما علينا أن نتعرف على البلازما.

البلازما: هي الحالة الرابعة للمادة، وهي الحالة التي تُنتزع فيها الإلكترونات من ذرات الغاز لتصبح البلازما مزيجاً من الذرات المتأينة (ذات شحنة موجبة بسبب فقدها إلكترونات) وإلكترونات حرة تطفو سويّةً.

أما كرات البلازما التي اخترعها الفيزيائي نيكولا تيسلا، فهي عبارة عن كرة زجاجية مملوءة بغاز نبيل (خامل، أي أنه لا يدخل في التفاعلات الكيميائية في الطبيعة بشكل تلقائي دون محفزات مثل الحرارة أو الضغط) مثل النيون والهيليوم لكن بضغط منخفض جداً، تحتوي في منتصفها قطباً كهربائياً لتيار متناوب (تيار المنزل) ذي تردد وجهد مرتفعين (35 كيلو هيرتز و 5-2 كيلو فولط)، وعند وصل التيار الكهربائي يتشكل في القطب حقل كهربائي قوي يقوم بتأيين الغاز الموجود في الكرة ليحوله إلى بلازما تنقل التيار الكهربائي ليتم تفريغه في النهاية على سطح الكرة.

ختاماً.. رغم أن الكهرباء الساكنة وما يرافقها من ظواهر مرتبطة بالتفريغ، قد تعد –من ناحية الدراسة- من الأمور البسيطة والبديهية في مراحل التعليم المتوسطة، إلا أنها كانت نقطة البداية التي أوصلتنا اليوم إلى صناعة المعالجات الرقمية وغيرها من القطع التكنولوجية المتطورة.

المصادر: 1 – 2 – 3