الأبراج وارتباطها بعلم الفلك والفضاء

الأبراج هي أحد المواضيع الشعبية المنتشرة بشكل كبير، سواءً لمعرفة التوقعات التي تخبرنا بها السماء، أو لأجل اللهو، وربما من أجل النقاش العلمي.

من منّا لم يسمع بالأبراج سواءً على إحدى إذاعات الراديو أو على برامج الصباح التلفزيونية أو حتى في الجرائد اليومية.

كثيراً ما يطرح السؤال عند التحدث مع أناس: “ما هو برجك؟” على اعتبار أن الجواب سيعطي معلومات جيدة لتوقع ماهيّة الشخص، فكل برج من الأبراج له خواصه وأسلوبه في التعامل مع عقبات الحياة.

الأبراج أو ما يسمى التنجيم Astrology

“علم” التنجيم هو مجموعة من الاعتقادات التي تتمحور حول ارتباط حركة الأجرام السماوية والكواكب بالنسبة لبعضها البعض، في محاولة للحصول على معلومات حول العلاقات الإنسانية بين البشر والأحداث التي ستؤثر على البشر نفسياً وجسدياً، نتيجة لحركة معينة للكواكب في النظام الشمسي.

ويتم تحديد برج كل شخص من خلال موقع الشمس في القبة السماوية يوم ولادته.

وكثيراً ما يتم الخلط بين الأبراج وعلم الفلك، والقول أن الاختلاف بينهما كبير، هو بالواقع خطأ؛ بل يجب القول أن أوجه التشابه بينهما تكاد تكون معدودة.

علم الفلك Astronomy

يمكن تعريف علم الفلك ببساطة على أنه العلم الذي يدرس النجوم والكواكب والفضاء بشكل عام بما يتضمنه من طاقة، غازات، كواكب، مذنبات ثقوب سوداء وغيرها؛ ويمكن اعتباره أحد أفرع الفيزياء “فيزياء الكونيات – Cosmology” حيث يمكن تقسيم هذا العلم إلى فرعين أساسيين:

  • علم الفلك الرصديّ: ويركز على دراسة النجوم –كالشمس- والكواكب والمجرات.. الخ
  • علم الفلك النظريّ: محاولة وضع نموذج تحليلي لكيفية تشكل الكون وتطّوره ليومنا هذا.

من أين أتت الأبراج؟

الكثير من الحضارات القديمة أبدت اهتماماً بالسماء وما تحويه من أجرام سماوية، فقاموا بربط الأحداث الفلكية بما يحصل على الأرض. ولهذا الربط أسباب عديدة يمكن الاطلاع على بعضها في مقال سابق.

وعلى سبيل المثال: “المحاصيل قليلة عن المعتاد وغير كافية بسبب مرور مذنب كبير”. 

بناءً على ذلك قامت بعض الشعوب مثل الهنود والمايا والصينيين بتطوير أنظمة خاصة بهم تقوم من خلالها بتوقع أحداث ستحصل على الأرض من خلال مراقبة السماء.

قام المنجمون القدماء في بابل ولاحقاً في اليونان بتقسيم السماء إلى 12 قسماً كل منها تدعى “التشكيل النجمي – Constellation” وأطلقوا عليها أسماء مثل القوس والأسد وغيرها بناءً على موقع الشمس في السماء، لتعرف فيما بعد بالأبراج.

وبما أن الدائرة 360 درجة موزعة على 12 قسم، يمكن بعملية بسيطة معرفة أن لكل “برج” 30 درجة من السماء، ومن ثم قاموا بإطلاق الصفات على مواليد هذه الأبراج وفقاً للعناصر الأساسية الأربعة آنذاك كما يلي:

  • النار: الحمل، القوس، الأسد وهي أبراج “عفويّة ومتهوّرة”.
  • الماء: السرطان، العقرب، الحوت وهي أبراج “حالمة وعاطفية”.
  • الهواء: الميزان، الدلو، الجوزاء وهي أبراج “سريعة ومنظمة ولها ميول للتحكم بالمشاعر”.
  • الأرض: الجدي، الثور، العذراء وهي أبراج “هادئة وردود فعل بطيئة وبالأخص في المور العاطفية”.

الأبراج والعلم

في بعض الأحيان تبدو الأبراج وكأنها علم حقيقي، فهي تستعمل المعرفة العملية حول السماء وما فيها من نجوم وكواكب، إضافة للمخططات التي توضح حركة الكواكب والأرض موقعها خلال السنة.

لكن لتقييم إن كانت الأبراج أو التنجيم حقاً علم فهناك بعض الأسئلة في النهج العلمي يجب طرحها والإجابة عنها.

– هل تركزّ على العالم الطبيعي؟

في أساسها تبحث الأبراج سواءً أكان للأجرام السماوية تأثير على الأحداث التي تحصل على الأرض ولها ارتباط وثيق معها.

– هل تهدف لوضع شرح للعالم الطبيعي؟

يستعمل التنجيم مجموعة من القواعد التي تربط بين الحركة النسبية للأجرام السماوية ومكانها لخلق توقعات وتفسيرات للأحداث التي تقع على الأرض، وشخصيات الإنسان بحسب موعد ميلاده.

وعلى سبيل المثال، تتوقع الأبراج أن الشخص الذي يولد بعد الاعتدال الربيعي (برج الحمل) سيكون في الأغلب إنسان قياديّ في حياته.

– هل تستخدم أفكار قابلة للاختبار؟

غالباً ما تكون توقعات المنجمين عامّة بشكل كبير، بحيث أنه يمكن لأي نتيجة تحصل (نتيجة التوقع) أن يعاد تفسيرها بشكل ملائم للحدث الذي حصل.

في هذه الحالة من الصعب جداً الاعتماد على توقعات الأبراج لاختبارها بشكل علميّ.

– هل تعتمد على الأدلة؟

في حالات قليلة تم الاعتماد على التنجيم للحصول على توقعات دقيقة قابلة للتجريب، وفي كل مرّة تم معاينة النتائج بشكل دقيق، لم تكن الدلائل تدعم الإدعاء لحصول حدث متوقع من قبل الأبراج بشكل دقيق.

تجربة كارلسون (Carlson’s Experiment)

تجربة كارلسون هي تجربة تعتمد على مبدأ (Double Blind) حيث يكون لطرفي التجربة تدخلاً فيها بحيث يتم التأكد من أن تكون التجربة عادلة للطرفين قبل البدء ودون أي تحيز على الإطلاق.

بمساعدة 28 منجماً فلكياً من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تم الموافقة على أكثر من 100 مخطط “فلكي” لتوقع الصفات النفسية لكل من الأشخاص الخاضعين للتجربة.

تم نشر نتائج التجربة في مجلة “نيتشر – Nature” والتي تعتبر واحدة من أكبر المجلات العلمية بتاريخ 5 ديسمبر عام 1985.

تقول النتائج أن التوقعات بناءً على المخططات ليست أكثر من حظ وأن الاختبارات “تدحض بوضوح الافتراضات الفلكية”.

لانستطيع القول عن أي فرض أنه صحيح مالم نقم باختباره، ووفقاً للمنهج العلمي، فضمن الشروط المحددة والواضحة للتجربة يجب أن تكون صحيحة في كل مرة؛ مثل الجاذبية، فالقلم سيسقط دائماً نحو الأسفل عندما نكون ساكنين على سطح الكرة الأرضية.

وإن لم نستطع التحقق بشكل واضح من فرضيات المنجمين، فلا يمكن إطلاق صفة العلم ما لم تتبع هذه القواعد البسيطة.

المصادر:
Live ScienceSpace.comThe ConversationNature