زيادة درجات الحرارة في الصيف، الكوارث الطبيعة، الأعاصير والعواصف الشديدة والمتكررة.. والعديد من الدلائل التي لا نلاحظها بشكل مباشر.
الاحتباس الحراري هو المتهم الوحيد في هذه الجريمة، ويمكننا القول أن التهمة قد ثبتت. فهل سيتمكن الاحتباس الحراري من القضاء على الحياة في كوكبنا الأزرق؟
عانت الكرة الأرضية عبر التاريخ من تغيرات مناخية عديدة، فخلال عمرها الذي يزيد على 4.5 مليار عام حدث العديد من الكوارث الطبيعية في هذا الكوكب الملتهب المملوء بالمواد المنصهرة من الداخل، والمغطى بالثلوج.
توالت العديد من الكائنات والأصناف الحية على كوكبنا الصغير. ومع كل حقبة كانت تنفي الطبيعة مجموعة كاملة من الأصناف الى الانقراض.
رغم وحشية ما تبدو عليه كرتنا الزرقاء، إلا أن هذه التغيرات التي تكلمنا عنها سابقاً حدثت على مدى الملايين من السنين. وبسبب قصر الفترة التي بدأ فيها الانسان بتسجيل التغيرات التي تحصل، فقد ظننا أن الأرض وصلت لحالة من الاستقرار بشكل مناسب لمعيشتنا عليها، إلا أنها تتابع رحلتها في تغيير مناخها كنتيجة طبيعية للأحداث الكونية والبيولوجية التي تحصل على سطحها. لكن الانسان لا شك يساهم بشكل كبير في تسريع حدوث هذه الكوارث. ويبدو أن رد فعل الكرة الأرضية علينا هو ما نسميه اليوم بالاحتباس الحراري.
ما هو الاحتباس الحراري؟
الاحتباس الحراري هو ظاهرة تحصل على سطح الكرة الأرضية، تزداد فيها درجات الحرارة للكوكب كنتيجة لزيادة غازات الدفية “Greenhouse Gases” بشكل عام مما يؤدي لحصول كوارث طبيعية عديدة سنتحدث عنها في المقال.
الغازات الدفيئة
هي الغازات التي تقوم بحفظ الحرارة بشكل جديد، وهي موجودة في الطبيعة بشكل وفير منها غاز الميثان وأول أوكسيد الكربون. وجود هذه الغازات في الغلاف الجوي للكرة الأرضية هو السبب الرئيسي باحتفاظها بالحرارة التي تحصل عليها من الشمس.
من الجدير بالذكر أن نسبة الغازات الدفيئة وبالأخص الميثان وأول أوكسيد الكربون وصلت لأعلى نسب لها منذ 420 ألف عام. وذلك يعود بشكل أساسي للثورة الصناعة التي استخدمت الفحم والوقود الأحفوري بشكل أساسي كمصدر طاقة لها.
كيف تحتفظ الأرض بحرارتها؟
كما نعلم فإن المصدر الأساسي للطاقة لكوكبنا هو الأشعة الشمسية. تسقط الأشعة الشمسية على الكرة الأرضية فتمتص قسم الحرارة وتقوم بعكس القسم الاخر خارج الأرض الى الفضاء. لكن وجود الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي يسمح بالاحتفاظ ببعض من هذه الحرارة المنعكسة ضمن الجو المحيط في الأرض فترتفع درجة حرارة سطح الأرض.
يمكن تشبيه هذه العملية بحافظ الحرارة (الترمس) الذي نستعمله للحفاظ على حرارة القهوة او الشاي ساخنة لفترات طويلة من الزمن، حيث أن الوعاء يمنع خروج الحرارة كلها من داخله. وبشكل مشابه ولكن بكيمة أقل بكثير تقوم الغازات الدفيئة بحفظ الحرارة.
لكن ما المشكلة بارتفاع درجات الحرارة؟ فبشكل يومي تتغير درجات الحرارة بين النهار والليل بما يزيد عن 20 درجة في بعض الأحوال. خلال المقال سنذكر بعض الأرقام التي تظهر مدى تغير درجة حرارة الأرض، وهذه الأرقام هي معدلات وسطية خلال فترات طويلة من الزمن، رغم أنها تبدو ضئيلة إلا أن لها أثر كبير على المناخ الكلي للكوكب.
رغم إصرار الكثير من الناس وبالأخص السياسيين في الولايات المتحدة الأمريكية وشركات النفط الكبرى حول العالم بعدم وجود أي دليل فعلي على حدوث الاحتباس الحراري -لأنه يضر بمصالحهم الاقتصادية- إلا أننا سنقدم في هذا المقال العديد من الأدلة التي تجزم بشكل نهائي هذا النقاش.
علامات ودلائل الاحتباس الحراري
ذوبان الجليد في القطبين:
من خلال مراقبة العلماء لمساحة المناطق الجليدية على مدى أعوام، لوحظ انخفاض كبير في المساحات المتجمدة بمعدل يصل لـ 9% خلال عشر سنوات، ومن المرجح أن هذه النسبة ستزداد مع ازدياد الغازات الدفيئة في الجو. قد يتساءل البعض ما المشكلة في ذوبان الثلوج، ذلك سيفتح مساحات جديدة للسكن!؟
المشكلة هنا أن المياه الثلجية التي تذوب هي مياه عذبة، وبالتالي ستطفو على أعلى المسطحات المائية كالمحيطات وغيرها، ذلك سيسبب بطء التيارات المائية القدمة من شمال المحيط الأطلسي. وبغياب الدفء سيزداد البرد، ستكثر العواصف وسيرتفع منسوب مياه البحر ويسبب دمار لمنظومات بيئية كاملة.
ارتفاع منسوب مياه البحر منذ العام 1900:
لوحظ ارتفاع في منسوب مياه البحر يتراوح بين 1 مم الى 2.5 مم في العام الواحد، وإحدى الدراسات تقول أن الارتفاع وصل ل 3.5مم من بداية القرن الثامن عشر فقط. والسبب الرئيسي هو ذوبان الجبال الجلدية، إضافة لتمدد مياه البحر نتيجة الحرارة.
رغم أن هذه الأرقام تبدو ضئيلة إلا انها تضع العديد من المدن الساحلية في خطر. رغم صعوبة تقدير التغير في منسوب مياه البحر، إلا أن البعض يتوقع ارتفع يتراوح بين 0.8م الى 2م في العام 2100، وفي تقديرات أخرى قد يصل لـ 7 أمتار.. وهي كمية كافية لإغراق مدينة لندن بالكامل.
غاز المثيان:
هو أحد المركبات العضوية للكربون الذي هو بدوره من أهم الغازات الدفيئة، إلا أن الميثان قادر على حصر درجات الحرارة داخل الغلاف الجوي بكيمات أكبر بكثير. إضافة لذلك فإن كميات كبيرة من غاز الميثان محصورة ضمن مناطق ثلجية باسم هيدرات الميثان والتي ستتحرر عند ذوبان الثلوج.
بإضافة هذا العامل الجديد الى الغازات الموجودة أصلا في الغلاف الجوي والانبعاثات المسؤول عنها الانسان، ستزداد الحرارة بالتالي يرتفع منسوب المياه وتصيب الأرض العديد من الكوارث الطبيعية، كما أنها قد تسبب على انقراض 20% الى 50% من الحيوانات حول الكوكب.
العواصف:
مع ارتفاع درجات الحرار يتوقع العماء زيادة تصل لـ 2 درجة مئوية في حرارة مياه المحيطات خلال القرن القادم. الأمر الذي سيدفع العواصف والأعاصير لأن تكون ذات قوة أكبر ولمدة أطول مع رياح أشد. لكن ما علاقة الأعاصير بحرارة المحيط؟
ترتبط العواصف بشكل أساسي بسرعة تبخر المياه من المحيطات، فيقوم البخار بنقل الحرارة من المحيط إلى الغلاف الجوي، مسببة بذلك رياحاً قوية ينتهي بها المطاف لتكون أعاصير.
الجفاف وموجات الحر:
تعرّف موجات الحر عادةّ بأنها مدة تتراوح بين عدّة أيام الى أسابيع من الحرّ الغير معتاد. ففي العقود الثلاث المنصرمة كان هناك ازدياد في موجات الحر نتيجة للحرارة المرتفعة التي تمتصها الأرض خلال الليل. موجات الحر ستسبب موت المحاصيل الزراعية وبالتالي نقص في الغذاء والصحة العامة بشكل عام.
على الرغم من أن موجات الحر قليلة نسبياً لما سيحصل في المستقبل، إلا أنها سببت وفيات أكثر من العواصف والبرق والأعاصير والهزات الأرضية مجتمعةً. ويتنبأ العلماء بازدياد يتراوح بين 3 الى 5 درجات مئوية خلال المئة عام القادم.
ختاماً.. لا بد لنا من الاعتراف بالتغيرات المناخية التي تحصل، والتي لا شك ان للإنسان يد في تسريعها بشكل دراماتيكي. فأقل ما يمكننا فعله هو محاولة التقليل من انبعاث الغازات الدفيئة عن طريق استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الشمس أو الرياح وغيرها، في محاولة أخيرة لإعادة الاستقرار للنظام البيئي قبل فوات الأوان.
وفي هذا الموقع التابع لناسا نجد ارقام مباشرة ومتغيرة تتعلق بمناخ الكرة الأرضية.